الثلاثاء، 26 أبريل 2011

الطفل الذي يرى بأذنيه

لم يخطر في بال ذلك المتنمر الذي تسلل من وراء الصبي الأعمى ليضربه على وجهه ويجري، أن هذا الصغير قادر على الجري وراءه مثل الريح، ولم يتمكن عقله الصغير من تفسير هذا الصوت الذي يطلقه الكفيف الصغير من فمه، كان كل ما شعر به المتنمر هو ضربة هوت على وجهه من كف الصبي الأسود الذي لحق به وأوقفه وأخذ القصاص بيده.
 
وهو ابن شهور في هذه الدنيا، خسر بن اندروود Ben Underwood بصره لمرض السرطان، ولم يفهم أحد بعدها كيف تمكن بن من تطوير حاسة السمع لديه لتعتمد على نظرية صدى الصوت في تحديد مواقع الأجسام أوEcholocation، كل ما فهمه بن الصغير هو أن حين يطرقع بلسانه، يعود الصوت إلى أذنيه بطريقة خاصة، تعكس له طبيعة الأجسام من حوله، وبشكل آلي، بدأ بن يطرقع بلسانه ليعرف محيطه وما فيه.
وراء كل ناجح صغير شخص وضعه على أول الطريق، وفي حالة بن كانت أمه التي – كما كتبت هي – كانت تجعله يقف على الطرقات وتقول له ضع يدك هنا، هذا هو جانب الطريق وهو ذو طبيعة خشنة، ثم ضع يدك هناك حيث مسار السيارات، وستجد الطريق ناعما من كثرة المرور فوقه، وكذلك فعل أخوته. بهذا المنوال بدأ بن الصغير يدرب أذنيه على تحديد الفرق بين ارتداد صدى الصوت وفق موقعه وحسب الأجسام من حوله. هذا التدريب أتى ثماره فيما بعد، حتى أن بن بدأ يدرك حركة الأجسام بأذنيه.
هذا التدريب مكنه من ممارسة حياته اليومية والرياضة واللعب مع الرفاق بدون عوائق، كما كان يكتب على لوحة المفاتيح بمعدل 60 كلمة في الدقيقة، وكان يهوى تأليف قصص الخيال العلمي، لكن بن لم يكن كفئا ليهزم مرض السرطان الذي عاود الهجوم عليه وانتصر، ليموت بن بأيام قليلة قبل أن يتم 17 سنة من عمره.
على أن السؤال الآن هو، وماذا يجب أن يفعل من أنعم الله عليه بنعمة البصر؟ تهجم علينا مشاكل وصعوبات الدنيا دفعات وزخات، حتى تحجب ضوء الأمل. إن الذي وهب هذا الصغير هذه الحاسة الصوتية السمعية، هو أيضا من يضع دائما في قلب كل محنة بذور جلائها وانفراجها، لكننا ننشغل بالحزن على غياب الضوء، فلا نفكر كيف نأتي به من جهة أخرى.
قد تشتد أزمة على أحدنا فيقول: انظر إلى حالنا، مصائبنا ومشاكلنا قد قصمت ظهورنا، وقد تجده يبحث عن مستمع لشكواه يخبره أن هذه قاصمة فاقرة لا يجدي معها الأمل، فاستسلم وعانق راية الفشل. عندها بئس الشاكي والمشتكى له.
من تابع منكم معي غالبية قصص الكفاح والنجاح التي أسطرها هنا، سيجد القاسم المشترك بينها هو رغبة قوية في تخطي المشكلة. النجاح هو نتاج هذه الرغبة. بئس تعريف النجاح إن جعلته إصابة الهدف من أول رمية سهم. النجاح في ملتي هو أن تأمرك نفسك بأن تقوم بعد كل عثرة وكبوة، وأن تجبرك على إعادة التجربة المرة تلو المرة. النجاح هو أن تتلمس الطريق، فإن لم تجده، شققته أنت بنفسك ليسير عليه من سيأتي بعدك.
عد إلى واقعك، وانظر إلى مشاكلك، لكن لا تنظر إلى حجمها أو مدى صعوبتها، بل انظر إلى نفسك وشاورها: كيف يا نفس سنحل هذه المشكلة؟ 
هذه التدوينة منقولة حرفيا من المدونة : www.shabayek.com 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق